بالعمل والتفاؤل تواجه سارة ظروف اللجوء الصعبة في بريطانيا

  • DWWبواسطة: DWW تاريخ النشر: الأحد، 11 أغسطس 2019
بالعمل والتفاؤل تواجه سارة ظروف اللجوء الصعبة في بريطانيا

سارة شرف الدين صحافية سودانية، عاشت في رفاهية وكان لديها سائق ومدبرة منزل، عملت محررة سياسية لصحيفة هناك. بيد أنها وبسبب عملها الصحفي شعرت أنها مراقبة من قبل الحكومة ومهددة، ما أجبرها على الفرار من بلادها واللجوء إلى بريطانيا عام 2015.
وعن تجربتها تقول سارة لمهاجر نيوز: "لا تبدو الأمور في أفضل أحوالها في السنة الأولى". فبعد وصولها إلى المملكة المتحدة، تكون لديها مزيج من التجارب الإيجابية والسلبية. فقد تعرضت للصراخ عليها في المطار من قبل البعض، بينما ساعدها آخرون وكانوا طيبين معها. أمضت الأشهر القليلة الأولى في نزل لطالبي اللجوء قبل أن تستقر في مدينة بريستول حيث تتواجد جالية سودانية صغيرة هناك.
الآن تغيرت ظروفها حيتها تماما وتقول عن ذلك "أعيش حياتي الآن، أدرس وأقوم بأعمال تطوعية. لدي أصدقاء من جنسيات مختلفة. ومع ذلك، فإن وضعي كلاجئة لا يشعرني بأني مستقرة تماما، إذ أنه قد تحدث في أية لحظة الكثير من الأمور، تشعرك بأنه عليك بدء حياتك من جديد".
الانتقال إلى بريطانيا مثّل صدمة لسارة في بداية الأمر، فهي لم ترغب في مغادرة بلدها. قبل انتقالها لوطنها السودان نشأت سارة وعاشت مع والديها في السعودية لفترة، حيث كانت طفلة مدللة كما تقول، عمل والداها في مهنة التعليم، وبرغم كل ذلك فإن تجربة عيشها في السعودية لم تكن تجربة إيجابية أيضا، فهي لم تستسغ الشعور بأنها مواطنة أجنبية هناك.


وبعد انتقالها للسودان وعملها كصحفية، عرضتها هذه المهنة لملاحقة الأجهزة الأمنية، وتوضح ذلك بأنه ليس هناك "صحافة حرة في السودان". بعد أربع سنوات من العيش في بريطانيا لا تزال سارة تشعر بأنها "أجنبية"، بيد أنها من ناحية أخرى تشعر بالامتنان لجميع من قدم لها المساعدة ومنحها فرصة لتبدأ من جديد.
حياة جديدة مختلفة
ومع ذلك، فقد كان البدء من جديد صعباًن لأنه "لا أحد يعتقد أنني كنت صحفية شهيرة، كان لدي عمل، وشقة وكرامة". وتقول إن ردود الفعل من بعض الناس في المملكة المتحدة كانت مؤلمة، لأنهم لديهم تصورات مسبقة عن اللاجئين الفارين.
وتوضح بأنهم "يعتقدون أننا جميعا نهرب لأسباب اقتصادية. إنهم يعتقدون أنه ليس لدينا شوارع أو مبان أو كهرباء. إنهم لا يصدقونني عندما أخبرهم أنني جئت إلى هنا مع جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بي وجهاز أي فون ولست بحاجة لشراء أي شيء جديد هنا!". وتتابع "هناك من لمّح لي أنني محظوظة وذلك لقبولي كلاجئة في بريطانيا، أجد هذا الكلام غير لائق أبدا".
وتقارن سارة بين حياتها في الخرطوم وحياتها كلاجئة في بريطانيا، وتقول إنها عملت في الخرطوم كصحفية ومحررة وعاشت في شقة لائقة وحياة مرفهة، بينما اضطرت هنا إلى تقاسم غرفتها في نزل اللاجئين مع شخص غريب، وهي الآن تستأجر غرفة من سيدة في بريستول. وتستخدم الحافلة بدلا من السيارة في تنقلاتها. وتقول "لا يتوفر لدي المال لحياة مرفهة، حياتي تختلف تماما هنا".
قبل ذلك، كانت سارة تواظب على التدليك في الصالونات، وممارسة الرياضة في النوادي، وتشغل نفسها بالتسوق ومشاهدة التلفزيون وقضاء ساعات في قراءة الكتب. الآن عليها أن تعمل لمدة 6-8 ساعات حتى تتمكن من تحمل تكلفة التدليك أو تناول الطعام في المطعم. وبالكاد يوجد وقت للقراءة في حياتها الجديدة.

الشعور بالوحدة


في السودان، كان أصدقاؤها وزملاؤها صحفيون وكتاب وممثلات ومغنيات، كانت قد بدأت دراسة الماجستير هناك، بيد أن انتقالها المفاجئ إلى هنا حال دون إكمالها لدراستها. وترى سارة أنه من الصعب عليها الحصول على نوعية أصدقاء كما في حياتها السابقة في السودان، لذلك فهي تشعر بالوحدة.
وفضلا عن عمل سارة في الصحافة فقد انشغلت كذلك في الكتابة والتأليف، حيث نشرت كتابين في السودان، وتعمل حاليا على إتمام كتابها الثالث حول تجربة اللجوء في المملكة المتحدة، وعنوانه "شمعة تحت شمس مظلمة "، كما أوضحت لمهاجر نيوز. وتقول "الشمعة تمثل من ساعدني، والشمس المظلمة كانت الظروف الصعبة التي عايشتها في السودان وهنا في بريطانيا، لا سيما مصاعب الاندماج في المجتمع الجديد".
ولدت سارة عام 1982 وكانت تقوم بتحرير قسم السياسة والمجتمع في إحدى الصحف. وتقول، في إشارة إلى الثورة هناك: "يمكن للعالم الآن أن يرى لماذا يكافح الصحفيون في السودان. ليس لدينا أي حرية للكتابة، حتى على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أو تويتر، أنت كصحفي معرض للملاحقة في أي وقت".

واضطرت سارة إلى معايشة ملاحقتها هناك وفقدانها لعملها. حدث ذلك بعد أن ذهبت إلى مصر مع والدها المصاب بالسرطان. وعندما عادت، تم عزلها من منصبها بشكل مفاجئ. لأن "كتابي الثاني حمل عنوان: فضيحة صمت. وقد كتبت عن الصحة العقلية للشباب هناك وكيفية معاملة الحكومة السودانية لنا". وتتابع "الشباب هناك عاطلون عن العمل وهناك أنواع مختلفة من الضغط. من المستحيل كتابة هذا النوع من الأشياء في السودان، لذلك تعرضت للملاحقة".
بعد إنهاء عقدها، وجدت سارة أنه من المستحيل الحصول على وظيفة مماثلة في صحيفة أخرى. وتقول إن كتبها قد تم سحبها من المكتبات أيضا ولا يمكنها بيع أية نسخة.

البحث عن فرصة


"أحاول العمل من جديد في الصحافة، إنه أمر محبط للغاية. لدي كل هذه التجربة في بلدي ولا يمكنني العثور على أية فرصة في هذا البلد (بريطانيا). حتى الحصول على تدريب هو أمر صعب، أتقدم بطلبات، لكن غالبًا لا أتلقى أي رد". وتتابع "أعمل أحيانًا كمترجمة، لكن هذه ليست مهنتي الحقيقية، أشعر بأنني شخص داخل زجاجة، أستطيع أن أرى العالم ولكني لا أستطيع الاستمتاع به".
تحدثت سارة لمهاجر نيوز عن مشاركتها في مهرجان بريستول للاجئين، والذي ينظم تحت رعاية المنظمة الدولية للهجرة واللاجئين IOM. وهي تعتقد سارة أنه من المهم تسليط الضوء على الإيجابيات المهارات لدى اللاجئين حتى لا يصابون بالاكتئاب. وتقول "إن المشاركة أمر إيجابي حتى لو كانت بشكل طوعي فهي تخرجك من عالمك إلى الحياة الواسعة بإيجابياتها الكثيرة".
اشتركت سارة أيضا في الكشافة في بريستول وأصبحت مرشدة للفتيات من سن 7 إلى 10 سنوات، وهي تستمع بوقتها كثيرا. كما أنها بدأت العمل في متجر. واصبح لديها "زملاء جيدون ومدير جيد، والتواصل معهم ومع الزبائن جعلني أشعر بتواصلي مع المجتمع".
ولأن سارة تلقت مساعدة لدى مجيئها إلى بريطانيا، جعلها هذا الأمر تدرك أهمية تقديم المساعدة، لذلك حاولت طوال الوقت مساعدة غيرها من اللاجئين من أجل اندماج أفضل داخل المجتمع البريطاني. وتقول "عانيت بشدة بعد انتقالي إلى هنا، وهو ما علمني ضرورة عدم الاستسلام".
وتساعد سارة سودانيين أخرين من أجل الحصول على منزل، وتقوم بأعمال ترجمة للاجئين إذا لاحظت عدم معرفتهم الكافية باللغة الإنجليزية، وهي ترى أن مساعدتها الدائمة للناس ساعدها على الخروج من حالة الإحباط التي كانت تعيشها.

المستقبل


بالرغم من تغير ظروف وحياة سارة كليا، إلا أنها تواصل عيش حياتها بإيجابية. وهدفها التالي في المملكة المتحدة، هو الحصول على الإقامة الدائمة ومن ثم التقدم للحصول على الجنسية البريطانية. ولكنها تفتقد عائلتها وأصدقاءها الذين لم ترهم منذ عام 2015. وتقول سارة "إنني شخص مختلف تماما هذه الأيام. لقد حدث معي الكثير من الأشياء الرهيبة وأنا هنا وحدي. لكنني قوية الآن، فقد خضت تجارب كثيرة هنا. في السابق عشت الحياة من خلال الكتب، لكن الآن أكافح في الحياة الحقيقية، وعليك أن تكون قويا وقادرا على الكفاح وإلا ستخسر كل شيء".
في بعض الأحيان تتفاجئ سارة بنفسها وتتساءل من أين تحصل على طاقتها؟! ثم تنظر إلى المجتمع حولها، وترى الكثير من الناس غير القادرين على النهوض بعد تعرضهم للمشاكل وهي لا تريد أن ينتهي بها الأمر مثلهم. وتختم الحديث عن تجربتها لمهاجر نيوز بالقول "هذا لا يعني أنني دائما قوية، أبكي أحيانا كثيرة، لكنني أحاول دائما إيجاد حل، والغد سيكون أفضل بالتأكيد".

إيما واليس / علاء جمعة

المصدر: مهاجر نيوز

القيادي الآن على واتس آب! تابعونا لكل أخبار الأعمال والرياضة