كيفية التغلب على الملل والروتين في العمل

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الأربعاء، 29 يونيو 2022

يقود التكرار اليومي لنفس المهام والتفاصيل الوظيفية لتسرب الملل إلى الموظفين أنفسهم، وكثيراً ما يكون هذا الملل المتولد من العمل الروتيني سبباً لجعل أداء الموظف آلياً، بعيداً عن الشغف الذي يدفعه إلى بذل طاقته بشكلٍ كلي، للارتقاء والتقدم بما يقوم به، وهذا الأمر يضع الشركة أو المؤسسة أو المكان الذي يعمل فيه الموظف على محكٍّ بالغ الأهمية، ويرتبط بشكل إنتاجية و أرباح الشركة، ويتصل باسمها وسمعتها أيضا.

@alqiyady تحاول الدراسة لكن بدون استمرار #القيادي #منوعات #غرائب #تريند #Trend #Alqiyady #News #7awi #tiktok #information ♬ original sound - AlQiyady - القيادي

فإذا وقع الموظف بالملل فإن ذلك سيجعله يشعر بأنه يؤدي العمل فقط بهدف إنهاء واجب وظيفي، والنتيجة هي انهيار تدريجي لعلاقة الموظف بعمله، حيث تصبح علاقة لا يتخللها الانسجام والإبداع، فتأتي النتائج عكسية على الشركة بانخفاض الإنتاج والأرباح، وعلى الموظف بتقهقر الأداء الذي يتطلب الإنعاش عن طريق إما بمحفزات تدفعه للخروج من قيود الروتين، أو عن طريق حلول قد ترتبط بالمكان أو طريقة العمل أو الحالة النفسية للموظف، فما أهم الطرق للتغلب على الملل والأداء الروتيني للعمل في الوظيفة؟ وكيف يمكن تحفيز طاقات الموظفين للتغلب على الملل؟

كيف يولد الملل لدى الموظفين

كثيرةٌ هي الأسباب التي تدفع بالموظفين إلى الملل من الأعمال التي يؤدونها، وعندما يقع الموظف بالروتين ومن ثم الملل يتضاءل نشاطه، وتتراجع إنتاجيته تدريجياً، ومن أهم الأسباب التي تولد الملل في الوظيفة هي شعور من يعمل بانعدام المعنى لعمله الوظيفي الذي يقوم به، بالإضافة إلى قلة المهام التي يقوم بها الموظف، وهذا بدوره يجعله يقع بالروتين من خلال تكرار نفس المهام الموكلة إليه، كما أن عدم شعور الموظف بردود فعل إيجابية_ لا سيما من قبل المدير أو المسؤول عنه_ يجعله يفقد الروح الحقيقة للعمل كما الدافع، ويشعر بأنه في مكانه لا يتقدم ولا يتأخر؛ ذلك يقود بدوره إلى حالة من الملل.

ومن أهم الأسباب التي تدفع الموظف إلى الملل في عمله أيضاً:

1- عدم الانسجام مع العمل

هناك الكثير من الموظفين الذين يؤدون واجباتهم الوظيفية فقط بطريقة روتينية دون أن يشعروا باستمتاع فيما يقومون به، السبب في ذلك أن الموظف يرى أن العمل الذي يقوم به لا يتناسب مع قدراته وإمكانياته، كما أنه لا ينسجم مع مواهبه و مع ما يجب أن يقوم به، فيتولد لديه هاجسٌ بأنه لا يستطيع أن يتوافق بشكل كلي مع ما يقوم به.

2- عدم الحصول على مهارات وخبرات جديدة

من الأمور التي تدفع الموظف إلى الإحساس بالرتابة والملل من العمل الذي يقوم به، هو الاستمرار بأداء عمله على وتيرة واحدة دون اكتساب مهاراتٍ وخبراتٍ جديدة تجعله يشعر بالتقدم، وانعدام الفرص التي تدخل الموظف في تجارب و تحدياتٍ جديدة تصقل مهاراته وتجعله متحمساً للعمل، وبذلك يلمس التطور ويبقى في سعي دائم إلى الأفضل.

3- مكان العمل والبيئة المحيطة بالموظف

إن البيئة المحيطة بالموظف تنعكس بشكل مباشر على إنتاجيته، وأيضاً على حبه لعمله؛ بالتالي تؤثر على نشاطه ورغبته في العمل، فإما أن يكون متحمساً للعمل، أو مصاباً بالملل الذي يكون سببه الجلوس في نفس المكان وأداء نفس المهام الروتينية، ومقابلة نفس الأشخاص لمدة طويلة، هذا الملل يتفاقم في حال عدم وجود ارتياح لدى الموظف في علاقته مع زملائه، أو في المكان الذي يجلس فيه.

الملل في الوظيفة يقود إلى نتائج عكسية

إن الملل من الوظيفة التي يؤديها الشخص (تسببه الأمور التي ذكرناها سابقاً في هذا المقال) يدفع طاقة الموظف في الاتجاه المعاكس، فبدلاً من يعطي إنتاجاً جيداً من حيث الكم والنوع، فإنه يتراجع تدريجياً في أداء مهامه أو تحقيق المطلوب منه وفق المعايير التي تحددها الشركة أو المؤسسة، بالتالي يصبح الموظف عبئاً على المؤسسة أو الشركة التي يعمل فيها بدلاً من أن يدفعها إلى الأمام، وبينت دراسةٌ _ أجراها المعهد الفنلندي للصحة المهنية وجامعة هلنسكي الفنلندية، قسم الدراسات المتقدمة، نشر ملخصها في مجلة رؤية الزمرد، عام 2016_ أن الملل يكون على ثلاثة أشكال:

  • الجمود: وهو أداء العمل بشكل آلي يبعد الموظف عن المتعة في العمل، بل يكون عمله روتيني غير حيوي.
  • التسارع: هو أداء العمل بشكل سريع دون الاكتراث للتفاصيل والنتائج، فقط لأجل الانتهاء من العمل.
  • انعدام الإيقاع في العمل: هو أيضاً أداء العمل بشكل رتيب وفق مسار واحد يكون فيه الموظف مهتماً فقط بأداء واجبه الوظيفي، وليس مهتماً بإضفاء طابع حيوي يتسم بالمتعة على وظيفته.

وهذه الأنواع من الملل على اختلافها تدفع إلى انخفاض النشاط في العمل الذي يؤديه الموظف، وتؤثر بدورها على كمية ونوعية الإنتاج، كما تعيق استثمار طاقات الموظف الكامنة ومهاراته الحقيقية، فتكون النتائج سلبية على أداء الموظف وعلى الإنتاج، بحسب ما أظهرت الدراسة.

كيفية يمكنك التغلب على الملل والروتين في وظيفتك

1- وضع هدف لكل عمل يُؤدى في الوظيفة

عندما يعمل الموظف بلا هدف فستكون النتيجة الوصول إلى حالة من الملل، لأن وجود هدف يجعل الموظف دائماً مندفعاً، ولديه الشغف لتحقيق هذا الهدف الذي يعني بالنسبة له أنه إنجاز، ويساعد في تحفيز طاقاته وتنظيمها في نفس الوقت. كما أن الهدف في هذا الحالة هو إضفاء طابع من الأهمية على ما يقوم به الموظف، لأن ذلك يلعب دوراً  أساسياً في زيادة نشاط الموظف، وإبعاده عن الملل، والاندفاع باهتمام لتحقيق الهدف، لأن العمل من أجل لا شيء سيقود بشكل طبيعي إلى الإحساس بالملل.

2- العثور على طريقة جديدة للعمل

في حال الشعور بالملل من أداء العمل بنفس الطريقة وبشكل يومي، فيمكن في هذه الحالة تغيير الطريقة التي يقوم بها الموظف بالعمل، كالبدء بأشياء لا يبدأ بها كل يوم، وترتيب الأولويات بطريقة جديدة ومختلفة عن المعتاد.

3- تبديل المكان أو المقعد

يلعب المكان الذي يجلس فيه الشخص دوراً كبيراً في إحساسه بأن كل ما يقوم به روتيني ومكرر، لذا من المفيد في كثير من الأحيان أن يقوم الموظف بتغير مكانه الذي يجلس فيه، حتى يشعر بأن هناك شيء جديد يدفعه للعمل، وفي حال عدم القدرة على تغيير المكان، يمكن تغيير وجهة المقعد والطاولة في حالة الوظائف التي تعتمد على العمل المكتبي، و غير ذلك يمكن تغيير المكان ضمن فترات ليست طويلة حتى يخلق الشعور بعدم التكرار لدى الموظف.

4- تغيير التنقلات أو الطريق المؤدي إلى مكان العمل

يمكن للموظف الذي يعمل في مكان يتطلب منه الانتقال بوسائط النقل، أن يغير الوسيلة التي يصعد فيها ولا يكون ذلك لمدة طويلة في الغالب، لأن الهدف هو أن يشعر الموظف بأنه خرج من حالة الركود التي كان بها، أو استخدام طريقٍ جديد للوصول إلى مكان العمل، أيضاً ذلك يشكل شعوراً بالتجدد لدى الشخص.

و في مقالٍ للدكتور دغلاس لابير (Douglas LaBier) (اختصاصي في علم النفس والتحليل النفسي، ومدير مركز التدريب التدريجي في واشنطن)؛ بين في مقاله أن هناك عدة طرق للتخلص من الملل وطابعه السلبي في الوظيفة، وهي كالتالي:

  • أن يجري الموظف لقاءً مع رئيس العمل: ويشرح له رغبته بالدخول في تحدٍّ جديد، وأكبر من المهام التي يؤديها في الحالة الطبيعية، وشرح إذا كان يريد أن يمتد في اتجاه جديد بالعمل، يجعله يخرج عن المألوف والروتين، وتوضيح كيف يقرأ مستقبله في التحدي والاتجاه الجديد الذي اختاره.
  • البحث عن فرصة خارج العمل (في حال لم تتح لك الفرصة في وظيفتك الحالية): ربما من خلال دورة أو ندوة أو ورشة عمل أو فرصة تطوعية ترتبط بالطاقات التي يهدف إلى استثمارها أو تسخيرها، وذلك من أجل أن يتعلم أشياءً جديدةً تعزز المهارات الموجودة لديه، أو أن يبني مهاراتٍ جديدة.
  • إدراج الحالات والوظائف أو المشاريع الإبداعية التي قام بها الموظف في الماضي: حيث شعر أنه كان في أفضل حالاته الإنتاجية، عندما كانت الأمور تسير بشكلٍ جيدٍ، ومن ثم تحديد الموارد أو الشروط التي كانت تلعب دوراً في دعم نجاحه، وما أنواع الناس الذين كانوا زملاءه في العمل الخاص به، أو كيف كان رئيس عمله؟ هل تلك الأمور تساعد أو تعيق؟ وتحديد خصوصيات عمله الوظيفي السابق، وبيئة العمل التي كان حقا بحاجة إلى أن تكون في أحسن الأحوال، والهدف هو تحديد الأمور التي يجب تجنبها أو توفيرها لتلائم الموظف وتدفعه للنجاح، وتبعد الملل في العمل الوظيفي، ووضع قائمة في ذلك.
  • عدم الاكتراث بردود الفعل الداخلية: واللامبالاة بكل الأشياء التي تزيد الشعور بعدم الانسجام والانتماء إلى العمل، وتوظيف الطاقة لخلق تغير إيجابي بالعمل بدلاً من استنفاذها في التفكير بكيفية عدم الانسجام في العمل أو التماهي مع المكان.

ما يقوم به المدير لإبعاد الملل عن موظفيه

يلعب المدير أو المسؤول عن الموظفين دوراً كبيراً في إبعاد الملل والروتين عن موظفيه، ودفع العمل باتجاه أفضل، ومن أهم ما يمكن أن يقوم به المدير لتحقيق ذلك:

  • يحدد هدفاً للموظفين: عندما يلمس المدير تسرب الإحساس بالملل إلى موظفيه، كما يلمس انعدام وجود هدف لديهم، يكون الحل هو أن يحدد هدفاً لكل موظف ينسجم مع عمله ومهارته، ولا يكون هدفاً عشوائياً لمجرد أن يضع هدفاً.
  • أن يوفر البيئة المريحة للعمل: إن شخصية المدير هي العامل الأساسي في إراحة الموظف، وتوفير بيئة ممتعة بعيدة عن الرتابة، إذ أن كاريزما المدير وابتسامته وشخصيته المرحة، بالإضافة إلى طريقة تعامله مع الموظفين والقائمة على التقرب من الموظفين والتحدث إليهم بأسلوب لطيف يبعدهم عن ضغط العمل والروتين الذي يولد الملل.
  • إعطاء فواصل أثناء العمل: إن العمل المستمر والمتواصل يكون سبباً في ملل الموظف، فلذلك يكون تقسيم وقت عمل الموظف وإعطائه فواصل يستريح فيها_بحيث لا تكون طويلة جداً فتدفع الموظف إلى التكاسل_ أو يكون ذلك بتوزيع الاستراحة التي يأخذها الموظف على ساعات العمل في النهار.

أخيراً.. تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى ملل الموظفين، لكن النتيجة واحدة وهي انخفاض في أداء الموظف وبالتالي تراجع الإنتاجية، وهو ما يجعل مسألة إبعاد الموظفين عن الشعور بالملل والرتابة من أكثر الهواجس التي تراود المدراء وأصحاب الشركات والمؤسسات، والحل يتعلق بالموظف نفسه، وأيضاً بمديره الذي يلعب دوراً كبيراً في كيفية تجنيب وقوع الموظفين في دائرة العمل الروتيني والرتيب.