الشاعر نزار قباني، دمشقيٌ جال العالم بشعره

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: منذ 6 أيام
الشاعر نزار قباني، دمشقيٌ جال العالم بشعره

حفر اسمه في مجلدات التاريخ، يتذكره معاصروه، وتتغنى به الأجيال الجديدة، بسبب قصائده التي تحولت إلى دواوين بين أيدي المثقفين والعشاق، وأغانٍ على لسان كبار الفنانين العرب، مارس الدبلوماسية، وتفرّغ للشعر.

غنّى للمرأة والحب والسياسة والحرب.. فاشتهر بأعماله الرومانسية والسياسية الجريئة، إنه الشاعر السوري نزار قباني، الدمشقي الذي جال شعره أنحاء العالم متمرداً، متغزلاً، ناقداً، مشتاقاً.

عاش حياةً رغيدة، مدلل أمه، تعلّق بزوجته بلقيس التي تزوجها بعد حب دام سبع سنوات، درس القانون، مارس السياسة وأتقنها، تنقل بين العواصم العربية والأجنبية تاركاً قصائده تفوح في كل مكان، مثّلت قصائده أفراح العرب وأحزانهم، فكان بحق شاعر زمانه.

طفولة نزار قباني وأسرته

ولد الشاعر السوري نزار قباني في حي مئذنة الشحم بدمشق القديمة، في الحادي والعشرين من شهر آذار/مارس عام 1923، وهو حفيد أبو الخليل القباني (أحد روّاد المسرح السوري).

نزار ابن توفيق قباني، (كان والده يملك معملاً لإنتاج الحلويات)، شارك في المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الفرنسي، أما والدته فهي التركية فائزة آقبيق، كان نزار متعلقاً بها كثيراً، يقال أنها أرضعته حتى سن السابعة، وبقيت تطعمه بيدها حتى سن الثالثة عشر من عمره، حتى قالوا عنه أنه مصاب بعقدة أوديب.

كان لنزار قباني شقيقتان هما، وصال وهيفاء، وثلاثة أشقاء هم معتز ورشيد وصباح قباني الذي كان مديراً لهيئة الإذاعة والتلفزيون السورية في ستينات القرن العشرين، ثم أصبح سفيراً لسورية في واشنطن عام 1980.

أما جد نزار، فكان أبو خليل القباني أحد روّاد المسرح السوري، وهو الذي أدخل فن المسرح إلى الأدب العربي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.

هوايات نزار قباني منذ الصغر ودراسته

أحب نزار قباني الرسم، في سن الخامسة من عمره، فبدأ بتعلم التخطيط، ثم اتجه للرسم، وعن ذلك قال نزار: "وجدت نفسي بين الخامسة والثانية عشرة من عمري في بحر من الألوان"، حيث كان اللون الأخضر أحب الألوان إلى قلبه، لأنه يذكره بمنزله الدمشقي الممتلئ بنباتات الزنبق والريحان والياسمين والنعناع والنارنج.

أحب الموسيقى أيضاً فتعلّم على يد أستاذٍ خاص العزفَ والتلحين على آلة العود، ثم استقر على الشعر، حيث بدأ يحفظ أشعار عمر بن أبي ربيعة، جميل بثينة، طرفة بن العبد، قيس بن الملوح، وتتلمذ على يد الشاعر خليل مردم بك الذي علّمه أصول النحو والصرف والبديع.

دراسته وتحصيله العلمي

دخل نزار قباني المدرسة الوطنية الكلية العلمية لصاحبها أحمد منيف آل عائدي - صديق والده- وذلك في دمشق عام 1929، تخرج منها بعد أن أنهى دراسته الثانوية في عام 1941، ثم درس الحقوق في جامعة دمشق، وتخرج منها في عام 1945.

وفي مرحلة شبابه ودراسته الجامعية شارك نزار في المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الفرنسي، و كان منزله مكاناً لعقد اجتماعات المعارضين للاحتلال في عشرينات القرن الماضي.

نزار قباني الدبلوماسي

عين نزار قباني بعد تخرجه من كلية الحقوق عام 1945 في وزارة الخارجية السوريّة، ثم أصبح موظفاً في السفارة السورية بالقاهرة في نفس العام، وبقي فيها حتى عام 1952، حيث عيّن سفيراً لسورية في لبنان لمدة عامين.

أتقن خلالها اللغة الإنكليزية، ثم عين عام 1954 سفيراً لسورية في أنقرة، كما عين سفيراً لسورية في الصين عام 1958، ثم سفيراً لسورية في مدريد عام 1962، وكانت آخر مهمة دبلوماسية يقوم بها نزار قباني حيث قدّم استقالته عام 1966 ليتفرغ للشعر.

حياة نزار قباني العاطفية

تزوج نزار مرّتين، زوجته الأولى، كانت ابنة خاله زهراء آقبيق في عام 1946 عندما كان نزار سفيراً لسورية في القاهرة، طلّقها بعد سنوات بسبب غيرتها عليه عام 1952، أنجبت منه ابنته هدباء من مواليد 1947 التي تزوجت مرتين وتوفيت في لندن عام 2009، وابنه توفيق من مواليد 1951 توفي في عام 1973 عندما كان طالباً في السنة الخامسة بكلية طب جامعة القاهرة، وهو في الثانية والعشرين من عمره، أما طليقته زهراء آقبيق فقد توفيت عام 2010.

زوجته الثانية كانت العراقية بلقيس الراوي، تزوجها بعد أن ألقى قصيدة تعبر عن حبه لـ بلقيس في مهرجان المربد والتي قال فيها:

مرحباً يا عراق، جئت أغنيك ... وبعض من الغناء بكاء

أكل الحزن من حشاشة قلبي ... والبقايا تقاسمتها النساء

تزوج نزار بلقيس بعد وساطة قام بها الرئيس العراقي الأسبق أحمد حسن البكر، حيث أرسل إلى والدها وزير الشباب الشاعر شفيق الكمالي ووكيل وزارة الخارجية الشاعر شاذل طاقة، فوافق والدها على الزواج وذلك عام 1969، بعد حب دام سبع سنوات بدأت عندما التقاها خلال أمسية شعرية في بغداد عام 1962، أنجب منها ولديه عمر وزينب ولم يتزوج بعدها.

أحداث أثّرت في حياة الشاعر نزار قباني

مرّ الشاعر نزار قبّاني بأحداث مؤلمة في حياته وكانت ذكراها مأساة حقيقية أثرت على نفسيته وشعره وتفاصيل حياته، منها:

  • انتحار شقيقته وصال في عام 1938، بعدما أجبرها والدها على الزواج من رجل لا تحبه، حيث قال عنها في مذكراته: "إن الحبّ في العالم العربي سجين وأنا أريد تحريره"، ووصف نزار قباني حادثة الانتحار بقوله: "صورة أختي وهي تموت من أجل الحُبّ محفورة في لحمي... كانت في ميتتها أجمل من رابعة العدويّة".
  • وفاة والدته فايزة آقبيق عام 1976.
  • مقتل زوجته الثانية بلقيس عام 1982، خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، رثاها بقصيدته الشهيرة بلقيس التي اتهم فيها الجميع بقتل زوجته.
  • وفاة ابنه توفيق عام 1973، الذي رثاه في قصيدته (الأمير الخرافي توفيق قباني).
  • حرب الخامس من حزيران عام 1967، التي قامت بها إسرائيل ضد سورية ومصر، وتمكنت من خلالها إسرائيل من احتلال الجولان السوري، وسيناء المصرية، إضافةً للضفة الغربية وقطاع غزة، وعندها انتقل نزار من شاعر (الحب والمرأة) إلى شاعر (السياسة).

علاقة نزار قباني مع الملك حسين وأنور السادات

اتهم نزار قباني الملك حسين ملك الأردن، بقتل الفلسطينيين الذين يعيشون في عمّان خلال الحرب الأردنية الفلسطينية في شهر أيلول/سبتمبر عام 1970. كما نفي من مصر عام 1977 بعد انتقاده زيارة الرئيس المصري أنور السادات لـ "إسرائيل"، من خلال قصيدة، هذا جزء منها:

هل أتتك الأخبار يا متنبي .. إن كافور فكك الأهراما

سقطت مصر في يد قروي ... لم يجد ما يبيع إلا التراما

حكاية نزار القباني مع الشعر

أصدر نزار قباني أولى دواوينه الذي حمل عنوان (قالت لي السمراء) في عام 1944، استمر في التأليف والنشر حتى بلغ عدد دواوينه خمسة وثلاثون ديواناً خلال نصف قرن، أبرزها (طفولة نهد) و (الرسم بالكلمات).

وفي عام 1966 أسس نزار قباني دار نشر خاصة لدواوينه في بيروت لنشر دواوينه اسمها (منشورات نزار قباني)، وتضمنت دواوينه نمط الشعر العمودي ثم انتقل بعدها لكتابة شعر التفعيلة.

لم تقتصر أشعاره على المرأة فحسب، بل شملت المدن العزيزة على قلبه وهما دمشق وبيروت، فكتب (القصيدة الدمشقية) و (يا ست الدنيا يا بيروت)، كما كتب قصائد تنتقد الدول العربية بعد نكسة حزيران عام 1967، منها، (هوامش على دفاتر النكسة)، (عنترة)، (يوميات سيّاف عربي).

أعمال نزار قباني

دخلت قصائد نزار قباني إلى قلوب عشّاقه ومحبّيه من خلال دواوينه الشعرية وأعماله النثرية والمسرحية، التي حظيت نسبة كبيرة منها على غناء كبار الفنانين العرب، وسنستعرض أعماله المختلفة فيما يلي:

دواوين نزار الشعرية

كتب نزار قباني العديد من الدواوين التي شكلت مجموعته الكاملة في الشعر، والتي باتت مطلب الكثير من الناس لاسيما شريحة الشباب الذين يشترونها من المكتبات بكثرة، وكثيرون يحتفظون بنسخ كاملة من مجموعته في مكتباتهم الخاصة وهي:

  1. (قالت لي السمراء) نشر عام 1944
  2. (طفولة نهد) تم نشره عام 1948.
  3. (سامبا) الذي نشر عام 1949.
  4. (أنت لي) نشر عام 1950.
  5. (قصائد) تم نشره عام 1956.
  6. (حبيبتي) نشر عام 1961.
  7. (الرسم بالكلمات) الذي نشر عام 1966.
  8. (يوميات امرأة لا مبالية) نشر عام 1968.
  9. (قصائد متوحشة) نشر عام 1970.
  10. ديوانا (كتاب الحب)، (مئة رسالة حب) تم نشرهما عام 1970.
  11. (أشعار خارجة عن القانون) نشر عام 1972.
  12. دواوين (أحبك أحبك والبقية تأتي)، (إلى بيروت الأنثى مع حبي)، (كل عام وأنتِ حبيبتي) نشرت كلها في عام 1978.
  13. ديوانا (أشهد أن لا امرأة أتقنت اللعبة إلا أنتِ)، (اليوميات السرية لبهية المصرية) عام 1979.
  14. ديوانا (هكذا أكتب تاريخ النساء)، (قاموس العاشقين) نشرا عام 1981.
  15. (قصيدة بلقيس) نشر عام 1982.
  16. ديوانا (الحب لا يقف على الضوء الأحمر)، (شعار مجنونة) تم نشرهما عام 1985.
  17. (قصائد مغضوب عليها) نشر عام 1986.
  18. (سيبقى الحب سيدي) نشر عام 1987.
  19.  دواوين (ثلاثية أطفال الحجارة)، (الأوراق السرية لعاشق قرمطي)، (السيرة الذاتية لسياف عربي)، (تزوجتك أيتها الحرية) جميعها نشرت في عام 1988.
  20. ديوانا (الكبريت في يدي ودولاتكم من ورق)، (لا غالب إلا الحب) نشرا عام 1989،
  21. ديوانا (هل تسمعين صهيل أحزاني؟)، (هوامش على الهوامش) نشرا عام 1991.
  22. (أنا رجل واحد وأنت قبيلة من النساء) نشر عام 1992.
  23. (خمسون عاماً في مديح المساء) نشر عام 1994.
  24. (تنويعات نزارية على مقام العشق) نشر عام 1995.
  25. (أبجدية الياسمين ) نشر عام 1998.

أعماله النثرية

كتب الشاعر نزار قباني النثر إضافة إلى الشعر ومن أبرز نثرياته: (قصتي مع الشعر)، (ما هو ؟)، (والكلمات تعرف الغضب)، (عن الشعر والجنس والثورة)، (الشعر قنديل أخضر)، (العصافير لا تطلب تأشيرة دخول)، (لعبت بإتقان وها هي مفاتيحي)، (المرأة في شعري وفي حياتي)، (بيروت حرية لا تشيخ)، (الكتابة عمل انقلابي)، (شيء من النثر).

اعماله المسرحية

كتب مسرحية (جمهورية جنونستان.. لبنان سابقاً) عام 1977.

غناء كبار الفنانين العرب لقصائده، وهم

  • أم كلثوم غنّت من قصائده، (أصبح عندي الآن بندقية)، (رسالة عاجلة إليك) ولحنهما الموسيقار محمد عبد الوهاب.
  • عبد الحليم حافظ غنى (رسالة من تحت الماء)، (قارئة الفنجان)، وهما من ألحان الموسيقار محمد الموجي.
  • نجاة الصغيرة التي غنت (ماذا أقول له)، (متى ستعرف كم أهواك)، (أسألك الرحيل)، (أيظن)، وهذه القصائد من ألحان الموسيقار محمد عبد الوهاب.
  • فايزة أحمد غنت (رسالة من امرأة)، لحّنها الموسيقار محمد سلطان.
  • وغنت فيروز قصائد بعنوان (وشاية)، (لا تسألوني ما اسمه حبيبي)، من ألحان الموسيقار عاصي الرحباني
  • أما ماجدة الرومي فغنت (بيروت ست الدنيا)، (كلمات)، (مع الجريدة)، (أحبك جداً)، (طوق الياسمين)، من ألحان الفنان كاظم الساهر.
  • طلال مداح غنى (متى ستعرف كم أهواك)، (جاءت تمشي باستحياء والخوف يطاردها)، لحّنها طلال مداح.
  • أما الحصة الأكبر فكانت من نصيب الفنان كاظم الساهر والذي لقبه نزار قباني فيما بعد بقيصر الأغنية العربية، ومن القصائد التي غناها القيصر (إني خيّرتك فاختاري)، (زيديني عشقاً)، (مدرسة الحب)، (قولي أحبك)، (أكرهها)، (أشهد ألا امرأة إلا أنت)، (حافية القدمين)، (تقولين الهوى)، (الرسم بالكلمات)، (كبري عقلك)، (اجلس في المقهى)، (الحب المستحيل)، (يدك)، (وإني أحبك)، (مع بغدادية)، (صباحك سكر)، (حبيبتي والمطر)، (حبيبتي)، (تحركي خطوة)، (ممنوعة أنتِ)، (يوميات رجل مهزوم)، (التحديات)، (أحبيني بلا عقد)، (الإنسان) غناها مع الفنانة التونسية لطيفة، (إلى تلميذة)، (بريد بيروت)، (كل عام وأنتِ حبيبتي)، (لو لم تكوني أنتِ في حياتي)، (دلع النساء)، وهذه الأغاني من ألحان كاظم الساهر.
  • أصالة نصري، غنت قصيدة (اغضب) من ألحان حلمي بكر، إضافةً إلى (القصيدة الدمشقية)، (من أين يأتي الفرح).
  • عاصي الحلاني، غنى قصيدة (القرار).
  • لطيفة التونسية، غنت (يا قدس)، (تلوموني الدنيا).
  • إلهام المدفعي، الذي غنى قصيدة (بغداد).
  • خالد الشيخ غنى (عيناك).
  • غاده رجب غنت قصيدة (لماذا)، من ألحان كاظم الساهر.
  • محمد حسن غنى (الهرم الرابع) التي قالها الشاعر في رثاء جمال عبدالناصر، لحّنها محمد حسن.

وفاة نزار قباني

غادر نزار قباني لبنان بعد مقتل زوجته بلقيس في عام 1982، حيث تنقل بين باريس وجنيف حتى استقر في النهاية في لندن وقضى هناك الخمسة عشرة عاماً الأخيرة من حياته، واستمرّ بنشر دواوينه وقصائده المثيرة للجدل خلال فترة التسعينيات ومنها (متى يعلنون وفاة العرب؟) و(المهرولون).

تردى وضع نزار قباني الصحي في عام 1997، وبعد عدة أشهر توفي بأزمة قلبية في الثلاثين من نيسان/أبريل عام 1998، وهو في الخامسة والسبعين من عمره، حيث أوصى بدفنه في دمشق التي وصفها في وصيته:

"الرحم الذي علمني الشعر، الذي علمني الإبداع والذي علمني أبجدية الياسمين"، دفن نزار قباني بعد وفاته بأربعة أيام في دمشق منطقة تدعى باب الصغير، بعد جنازة حاشدة شارك فيها مختلف أطياف المجتمع السوري إلى جانب فنانين ومثقفين سوريين وعرب.

نزار قباني في عيون الشعراء والنقاد

حظي الشاعر نزار قباني باهتمام الشعراء والكتاب في عصره وقالوا فيه وصفاً غنياً ومتنوعاً ومن هؤلاء:

  • الأديب المصري أحمد عبد المعطي حجازي الذي قال: "نزار قباني شاعر حقيقي له لغته الخاصة، إلى جانب كونه جريئاً في لغته واختيار موضوعاته".
  • أما الشاعر علي منصور فوصفه بالقول: "إن نزار حفر اسمه في الذاكرة الجماعيّة، كما أنه شكل حالة لدى الجمهور "حتى يمكن اعتباره عمر بن أبي ربيعة في العصر الحديث".
  • وعبر حسين بن حمزة عن إعجابه شعر نزار السياسي "أذاق العرب صنوفاً من التقريظ جامعاً بين جلد الذات وجلد الحكام، في طريقة ناجعة للتنفيس عن الغضب والألم".
  • وقال الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة: " أهم منجز لنزار قباني نقل موضوع الحب من الوصف الخارجي إلى موضوع خاص في الشعر العربي الحديث حيث لا يشبهه أحد".
  • كما قال الروائي المصري جمال الغيطاني فيه، "إن نزار قباني شاعر عربي كبير، بذل جهداً كبيراً لجعل شعره مفهوم لجميع الناس وليس فقط النخبة".

شارع نزار قباني

قررت محافظة دمشق تسمية الشارع الذي ولد فيه نزار قباني على اسمه، وقد قال نزار إثر قرار المحافظة: "نزار قباني، هذا الشارع الذي أهدته دمشق إليّ، هو هدية العمر وهو أجمل بيت أمتلكه على تراب الجنّة، تذكروا أنني كنت يوماً ولداً من أولاد هذا الشارع لعبت فوق حجارته وقطفت أزهاره، وبللت أصابعي بماء نوافيره".

نزار قباني حياً في قلوب عشّاقه ومحبّيه

نزل السوريون إلى الشوارع وألقوا قصائد نزار قباني، في عيد ميلاده الخامس والثمانين، عام 2008، بالتزامن مع احتفالية دمشق "عاصمة الثقافة العربية" واليوم العالمي للشعر.

كما قامت الأمانة العامة للاحتفالية بطبع كتاب تذكاري يؤرخ عنه بعنوان (نزار قباني قنديل أخضر على باب دمشق)، من تأليف خالد حسين.

كما عملت وزارة الثقافة السورية على إعداد متحف خاص عنه، وقامت شركة الشرق السوريّة بإنتاج مسلسل تلفزيوني عن حياته.

مقتطفات من قصائد نزار قباني التي أثارت ضجة في العالم العربي

قصيدة (خبز وحشيش وقمر)

​عام 1956، هاجم فيها ضعف المجتمعات العربية التي تعيش في الأوهام، فأثارت رجال الدين في سورية ضده، وطالبوا بطرده من السلك الدبلوماسي، وانتقلت المعركة إلى البرلمان السوري وكان أول شاعر تناقش قصائده في البرلمان، وهذه مقتطفات منها:

ما الذي يفعله قرص ضياء؟ ببلادي.. ببلاد الأنبياء.. وبلاد البسطاء..

ماضغي التبغ و تجار الخدر.. ما الذي يفعله فينا القمر؟

فنضيع الكبرياء.. ونعيش لنستجدي السماء..

ما الذي عند السماء؟ لكسالى.. ضعفاء..

يستحيلون إلى موتى إذا عاش القمر.. ويهزون قبور الأولياء..

علها ترزقهم رزاً.. و أطفالاً.. قبور الأولياء...  ويمدون السجاجيد الأنيقات الطرر..

يتسلون بأفيونٍ نسميه قدر..وقضاء.. في بلادي.. في بلاد البسطاء..

قصيدة (هوامش على دفتر النكسة)

كتبها بعد نكسة حزيران في عام 1967، أثارت جدلاً في العالم العربي، فقامت الدول العربية بمنع بث أغاني وأشعار نزار قباني في الإذاعة والتلفزيون، ومن كلمات هذه القصيدة:

إذا خسرنا الحربَ لا غرابهْ  لأننا ندخُلها.. بكلِّ ما يملكُ الشرقيُّ من مواهبِ الخطابة

بالعنترياتِ التي ما قتلت ذبابة لأننا ندخلها.. بمنطقِ الطبلةِ والربابة

قصيدة (حرب تشرين)

كتبها نزار قباني عام 1974، تغنى خلالها بنصر تشرين وحب دمشق:

شمس غرناطةَ أطلت علينا ... بعد يأس وزغردت ميسلون

يا دمشق البسي دموعي سواراً ... وتمنّي.. فكلُّ شيء يهونُ

وضعي طَرحَةَ العروس لأجلي ... إنَّ مَهْرَ المُناضلات ثمينُ

نحنُ عكا ونحنُ كرمل حيفا ... وجبال الجليل.. واللطرونُ

كل ليمونة ستنجب طفلاً ... ومحالٌ أن ينتهي الليمونُ

قصيدة (بلقيس)

كتبها عندما قتلت زوجته بلقيس عام 1982، حيث حمّل نزار قبّاني الوطن العربي كله مسؤولية قتلها:

سأقول في التحقيق.. إني قد عرفت القاتلين

بلقيس.. يا فرسي الجميلة.. إنني من كل تاريخي خجول

هذي بلاد يقتلون بها الخيول سأقول في التحقيق.. كيف أميرتي اغتصبت

وكيف تقاسموا الشعر الذي يجري كأنهار الذهب ... سأقول كيف استنزفوا دمها..

وكيف استملكوا فمها.. فما تركوا به وردا .. ولا تركوا به عنبا..

هل موت بلقيس.. هو النصر الوحيد في تاريخ كل العرب؟

قصيدة (خمس رسائل إلى أمي)

كتبها عندما كان يسافر بسب عمله في الحقل الدبلوماسي، وكان يصف حاله بدون والدته وشوقه لها:

لم أعثر على امرأة تمشط شعري الأشقر ... وتحمل في حقيبتها إليّ عرائس السكر

وتكسوني إذا أعرى ... وتنشلني إذا أعثر ... أيا أمي أنا الولد الذي أبحر

ولا زالت بخاطره ... تعيش عروسة السكر .. فكيف...فكيف... يا أمي غدوت أباً... ولم أكبر

في الختام.. لطالما شكل العدل ورفع الظلم هاجساً لنزار قباني، انتحار شقيقته جعلته يكتب أروع القصائد لإنصاف المرأة، ووفاة زوجته جعل شعره متمرداً على الحرب، نزار قباني شاعر عبرت قصائده الزمان والمكان لتسكن في قلب كل عاشق ومحب.